عقود من الدراسة حول الاكتئاب قد تكون خاطئة

لعقود من الزمن استحوذت فكرة “جين الاكتئاب” على مخيلة بعض العلماء . خلال العشرين عامًا الماضية، المئات من الدراسات حرفيًا المحت إلى أن الأشخاص الذين يعانون من اختلاف في عدد قليل من الجينات المحددة هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.

مع ذلك، أشارت دراسة جديدة إلى أن هذه الكومة المتزايدة من الأبحاث ربما تتجه إلى المسار الخطأ نحو طريق مسدود. مؤيدين الشكوك في الأبحاث السابقة، يتجادلون حول فشل فكرة “جينات الاكتئاب”.

باستخدام بيانات عن اكثر من 620000 شخص، أكبر دراسة من نوعها انتهت بنتيجة أن 18 جين مرشح لدوره بالاكتئاب ليس له دور يذكر في تطور الاكتئاب. في مقالة الشهر الماضي من المجلة الامريكية للطب النفسي، يدعو مؤلف الدراسة المجتمع العلمي إلى التخلي عن “فرضية الجينات المرشحة لدورها في الاكتئاب”.

وفي بيان قال الباحث الرئيسي ريتشارد بوردر، خريج وباحث في معهد علم الوراثة السلوكية بجامعة كولورادو بولدر ” تؤكد هذه الدراسة أن محاولات إيجاد جين واحد أو أكثر من الجينات التي تحدد الاكتئاب محكوم عليها بالفشل”.

” الأمر أشبه بقصة الإمبراطور العاري، لا شيء موجود هناك أي لا توجد جينات ” أضاف المؤلف الكبير ماثيو كيلر، أستاذ مساعد في علم النفس وعلم الاعصاب : ” أتمنى ان يكون هذا المسمار الأخير في تابوت هذه الأنواع من الدراسات”.

احد الجينات المسؤولة كان جين SLC6A4 ذو اختلاف ” قصير” في 5-HTTLPR (بروتين – ناقل السيروتونين). من المعروف أن الجين يلعب دورًا في نقل الناقل العصبي السيروتونين، كان الجين محور أكثر من 450 دراسة علمية، وجد معظمها علاقة واعدة بينه وبين الاكتئاب، خاصة عند التعرض لصدمة في الطفولة.

منذ أن تم تحديد هذا الرابط عاد 1996 ، حاولت مئات الدراسات – بأحجام عينات صغيرة نسبيًا في الغالب – ان تجلب مجموعة صغيرة من “جينات الاكتئاب” الأخرى.

بكل الأحوال، وجدت الدراسة ان SLC6A4 و “جينات الاكتئاب ” السبعة عشر الأخرى لم تكن مرتبطة بالاكتئاب أكثر من أي جين آخر تم اختياره بصورة عشوائية.

هذا لا يعني أن الاكتئاب لا يحتوي على نوع من الأساس الجيني . بدلًا عن ذلك، يجادل مؤلفو الدراسة في ان الارتباط الوراثي بالاكتئاب أكثر تعقيدًا وغموضًا من مجرد حفنة صغيرة من الجينات. يأمل الباحثون في الاعتماد على الشكوك المتزايدة حول “جينات الاكتئاب” وحسم اسطورة فرضية الجين المسؤول عن الاكتئاب نهائيًا – إن فكرة الاختلاف في جين واحد ترتبط بالمزاج مرتكزة بنتائج دراسات سابقة. إضافة للعناصر الوراثية، يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار العوامل البيئية التي من الصعب قياسها والتي يمكن أن تلعب دورًا في الصحة العقلية وتتداخل مع الجينات أيضا.

الحقيقة، كما يقولون، تقاوم البساطة.

خلص بوردر القول ” في أي وقت يدعي شخص ما أنه حدد الجين الذي يسبب صفة معقدة هو الوقت المناسب في أن تكون متشككًا”.